العمل الحر ليس حرًّا دائمًا
كنت سعيدًا بالعمل الحر، لأني كسبت معه أعمالًا وعملاء أفخر بهم. ولكن بدأت أفكر في المستقبل، بفكرة الوصول إلى عمر معين أحتاج فيه إلى وظيفة.
أكملت ثمانية أشهر موظفًا في ثمانية، وذلك بعد سنوات من العمل الحر «المستقل» بدور مصمم ومحرك قرافيكي. لا أعرف إن كانت مدة كافية لأتحدث فيها عن تجربتي، لكن بما أنها هي نشرة سرية «فخلوها بيننا.»
دخلت عالم التصميم والرسم بمحض الصدفة، والسبب الأكبر برأيي يعود لوجود متجر قرطاسية بجوار بيتنا عندما كنت طفلًا، كنت أفتش في رفوفها يوميًا عن أدوات الرسم والألوان التي لم يكن يشتريها أحد غيري غالبًا، نظرًا لكمية الغبار المتراكمة عليها.
وفي تلك الفترة، كنت مهتمًا بالكمبيوتر والإنترنت إلى جانب الرسم، ووجدت في «قسم التصميم» في المنتديات مكانًا يجمع بين العالمَين. في هذه المنتديات، تمثّل العمل الحر للمصممين في تصميم تواقيع المنتديات ورسائل الوسائط المتعددة (MMS). لا أتذكر أخذي مقابلًا على هذا العمل، لكن أذكر أنه كان بدايتي.
بعدها جاء إنستقرام، وأصبحت لدي منصة باسمي أنشر فيها رسوماتي وأعمالي. كثر عدد المتابعين مع الوقت وكثرت معهم طلبات التصميم، بالإضافة إلى أنني كنت أمام قرار اختيار تخصصي الجامعي، فكوني لا أعرف لنفسي مجالًا في الحياة غير التصميم والرسم، كان القرار الأسهل أن أُكمل في المجال نفسه وأتوسع فيه، فتخصصت في «الوسائط المتعددة الإبداعية».
تابعت العمل الحر إلى جانب دراستي، لهذا السبب وبعد تخرجي، لم أشعر بحاجة إلى الوظيفة. وبما أنه لدي وقت فراغ طويل فهذا يعني طلبات كثيرة، فكنت أقول: «ليش أتوظف وأحط مدير فوقي؟»
لكن هذا لا يعني أن عالم العمل الحر وردي، ففي الحقيقة لديك خمسون مديرًا بدلًا من مدير واحد، إذ كل عميل تتعامل معه هو مديرك بشكل ما. ففي هذه الحالة «لو ما زلت مقتنعًا بكونك مدير نفسك»، لا تنسَ أنك أنت المدير والمصمم والمسوق والمحاسب والمنسق، فأنت مسؤول عن كل شيء.
وفي العمل الحر، فإن أي مناسبة سعيدة تخطر على بالك هي موسم وضغط عمل، مثل الأعياد واليوم الوطني. فمن الطبيعي جدًا أن تعمل في أيام الأعياد وإجازات نهاية الأسبوع، حتى تطارد مواعيد التسليم المرتبطة بهذه المناسبات.
رغم كل هذا، كنت سعيدًا بالعمل الحر، لأني كسبت معه أعمالًا وعملاء أفخر بهم. ولكن مع الوقت بدأت أفكر كثيرًا في المستقبل، خصوصًا بفكرة الوصول إلى عمر معين أحتاج فيه إلى وظيفة، وحينها سيكون الحصول عليها صعبًا؛ لعدم وجود خبرة حقيقية لدي في عالم الشركات.
ففكرة الوظيفة موجودة أصلًا لدي، ولكني انتظرت الفرصة المناسبة، وكانت ثمانية هي هذه الفرصة، كان «جينوم» تحديدًا المدخل وبداية التعاون بيننا. فتحولت ثمانية من قناة أتابعها إلى مكان أعمل فيه!
كانت مزايا العمل في ثمانية، والتي تتيح العمل عن بعد، الحل الوسط بين العمل الحر والدوام المكتبي، فلم أشعر بالتغيير الكبير؛ فأنا أعمل من مكاني المعتاد، ولكن بمهام مرتبة ومحددة في ساعات عمل وأيام معلومة.
بعدها صارت قراراتي اليومية مقتصرة على مهامي الإبداعية فقط، لا أحتاج إلى التفكير في التسعير أو اختيار العمل المناسب بين رسائل البريد أو حساب دفعات العميل وتقسيمها.
اتضحت ملامح الحياة مع الوظيفة، فإجازاتي تتوافق مع باقي أقراني من البشر، وأستطيع استخدام «ميمز» آخر الشهر ومع نزول الراتب. فلا بأس بالاستغناء عن جزء من «حريتك المزعومة» لعدة ساعات في اليوم مقابل راحة بالك واستقرارك على المدى البعيد.
أفلام «جينوم» القريبة من قلبي جدًا تعرض جميعها الآن، وأنا متحمس لآرائكم عنها.
ابق قريبًا من فريق ثمانية، آخر أخبارنا وكواليسنا وتدويناتنا في رسالة خاصة وسرّية جدًا، تصلك في كل أسبوع.